ابو خالد
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 13/07/2010 العمر : 49
| موضوع: الفلسطينيون اصولهم وحضارتهم الخميس أغسطس 05, 2010 11:11 am | |
| الفلسطينيون : أصولهم و حضارتهم ملخص الدراسة لقد أدعى العديد من المؤرخين خصوصاً التوراتيين منهم، أن الفلسطينيين تعود أصولهم إلى شعوب البحر دون ذكر أو تعليل لذلك , ولكن من خلال الثوابت التاريخية عُرف إن سكان فلسطين الأصليين هم من العرب الفلسطينيين، الذين استطاعوا أن يرسخوا اسمهم على هذه الأرض، رغم تعرض أرض فلسطين للعديد من عمليات الاحتلال الأجنبية , يُضاف إلى ذلك فإن الفلسطينيين أبدعوا في العديد من المجالات الحضارية، التي كانت علامة فارقة في التاريخ الإنساني، ومثّلت رصيداً مهماً لميزانهم الحضاري العالمي، مثل صناعة الفخار والحديد The Palestinians: Their Origins, and Civilization abstract Many historians claimed , especially those people of torah that the palestinians their origins belongs to the people of the sea without mentioning any reason for this .But through the historical facts it was known that the original palestinians were from the palestinian Arabs who were able to fix their name upon this land . Although they were attacked by many foreign occupations . In addition to that the palestinians were skilful at many civilized fields which were awonderful mark in the human history. And that’s added so much to their univeval civilized history , such as the mannfacturing of pottery , and iron. مقدمة تعرض تاريخ وحضارة الشعب الفلسطيني إلى افتراءاتٍ مقصودة , بهدف طمس الخزان الحضاري لهذا الشعب الذي يمتد تاريخه إلى الكنعانيين، الذين هاجروا من شبه جزيرة العرب إلى فلسطين في الألف الرابع قبل الميلاد. أما الفرية الأبرز ضد الوجود الفلسطيني، فهي الزعم بأن الفلسطينيين، هم من جزيرة كريت، أي أن أصولهم أوروبية، وقد سقط في هذا الزعم المتهافت غير واحد من الباحثين العرب والفلسطينيين والأجانب المروجين للتوراة بنصوصها المحرفة والمزيفة، مما ساعد اليهود على تسويق فرية اعتبار الفلسطينيين من أصولٍ أوروبية، شأنهم في ذلك شأن الغالبية العظمى من المهاجرين اليهود إلى فلسطين، في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. إن الغالبية العظمى من اليهود في عالم اليوم، تعود أصولهم إلى أوروبا الشرقية، خاصةً بلاد الخزر، وأن أسلافهم لم يأتوا من وادي الأردن، ولم ينحدروا من كنعان، وإنما من القوقاز. فاليهود المعاصرين ينتمون وراثياً إلى قبائل الهون والبوجر والمجر، وليس إلى ذرية إبراهيم ويعقوب وإسحق عليهم السلام. أما ادعاء اليهود بأنهم أصولهم تعود إلى إبراهيم عليه السلام الذي عاش في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، فتلك أكذوبة أخرى، فنّدها القرآن الكريم. قال تعالى: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين". إن علماء الآثار استدلوا على أن الإنسان وجد في فلسطين، منذ أقدم العصور، وأنه عاصر النماذج البشرية المختلفة، ويُذكر أن إنسان الكرمل أو (إنسان فلسطين) يعود إلى العصر الحجري القديم الذي ابتدأ نحو 500.000 سنة، وانتهى قبل 12.000 سنة، مما يؤكد أن فلسطين من أقدم مواطن الإنسان العاقل، وأن أهلها من الشعوب (الجزيرية) نسبة إلى جزيرة العرب. وترجع أهمية هذه الدراسة إلى إهمال المؤرخين بشكلٍ عام، دراسة تاريخ فلسطين القديم بشكل مقصود ومتعمد، وذلك بسبب سيطرة المؤرخين اليهود على مجال الكتابة التاريخية لفلسطين، ولذلك أخرجوا تاريخ الشعب الفلسطيني القديم من دائرة البحث كشعب من شعوب الشرق الأدنى القديم، وتركيزهم على دراسة تاريخ الإسرائيليين وذلك لتأصيل الوجود الصهيوني المزعوم في فلسطين، باستبعاد الفلسطينيين الذين سميت هذه الأرض باسمهم. وكل النظريات المطروحة عن أصل الشعب الفلسطيني، سواء كان الأصل الإيجي أو الأناضولي أو الهندو - أوروبي أو الكريتي، هدفت إلى إلغاء العمق التاريخي للفلسطينيين، ومازال النقاش محتدماً حول موطنهم الأصلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أصحاب هذه الآراء غالباً ما كانوا من التوراتيين أو المتأثرين بالدراسات التوراتية التقليدية. وحتى تكتمل الصورة سوف نعرض للمصادر التاريخية التي أتت على ذكر الفلسطينيين، منها المصادر المصرية والآشورية والروايات التوراتية. واعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لتوضيح بعض الأمور التي كانت محل جدل وخلاف بين المؤرخين والباحثين حول أصول الفلسطينيين، وذلك لإعطاء القارئ صورة أقرب إلى الصحة عن تلك الأصول، ونفي الأصل الأوروبي عن الفلسطينيين، وبيان أصلهم العربي كما سيتضح من خلال الدراسة. الفلسطينيون في المصادر القديمة: نجد لزاماً علينا أن نتحدث عن الفلسطينيون وأصولهم كما ورد في المصادر التاريخية المختلفة، لكي يكون القارئ على بينة بما أوردته تلك المصادر، ومن ثمَّ مقارنتها بما توصلنا إليه من خلال الدراسة. فأولى هذه المراجع ذكرت أن الفلسطينيين من المجموعات الخمس لشعوب البحر الذين أتوا من منطقة بحر ايجة. وبعد أن استولى الإسرائيليون على المرتفعات الوسطى لأرض كنعان بقليل، سيطر الفلسطينيون على الأراضي الساحلية لأرض كنعان. وقد أدت حركات غامضة للشعوب في أسيا و البلاد الإيجية في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد، إلى تفرق قبائل بكاملها، فبحثت عن موطنٍ لها في مناطق أقل اضطراباً، وتوافدت جماعات من المهاجرين بينهم قبائل الفلسطينيين بطريق البر والبحر نحو سوريا، وبعد تقويضها بعض الدول والممالك ومنها أوغاريت، وصلت إلى الساحل المصري، فهُزمت هناك حوالي سنة 1191 ق.م. في معركة بحرية وبرية على يد الفرعون رمسيس الثالث، ولكنه سمح لهم فيما بعد بالنزول بصورة دائمة على ساحل سوريا الجنوبية، الذي صار يسمى "فلسطيا". وامتد الساحل الذي استولى عليه الفلسطينيون بصورة دائمة من غزة حتى جنوبي يافا، وأهم المدن التي استوطنوها كانت: غزة وعسقلان وأشدود وعقرون وجت، وقد نُظمت مدنهم الخمس بشكل ممالك مدن، كل منها تحت حكم (سيد)، ولكنها جميعاً كانت تشكل فيما بينها اتحاداً. وكانت ذروة قوة الفلسطينيين في النصف الثاني للقرن الحادي عشر، فقد هزموا الإسرائيليين حوالي 1050 ق.م، وأخذوا منهم تابوت العهد وحملوه إلى أشدود، وكانوا متسلطين عليهم في عهد الملك الإسرائيلي شاؤول (توفى نحو 1004 ق.م)، خاصة في المدن البعيدة الداخلية مثل بيت شان. وهذا يعني أن الفلسطينيين كانت لهم اليد العليا على بني إسرائيل، ويبدو أن السبب الذي جعل الفلسطينيين متفوقين بصورة خاصة على أعدائهم هو تفوق سلاحهم الذي كان مصدره معرفة صهر الحديد واستخدامه لأجل صناعة أسلحة الدفاع والهجوم معاً. حتي: 1958: 196 وهكذا فإن الفلسطينيين رفعوا الحضارة السورية من مرحلة البرونز إلى مرحلة الحديد، وكان ذلك أهم فضل لهم على الحضارة العالمية، ومع الزمن تأثروا بالساميين واندمجوا بهم ،ولم يتركوا إلاَّ اليسير جداً لمعرفة لغتهم وديانتهم وعمارتهم وسائر مظاهر حضارتهم،وعندما كُتب سفر نحميا في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، لم يتم ذكر الفلسطينيين بل الأشدوديين الذين كانوا يتكلمون بلسان أشدودى، ومن أسماء الأشخاص النادرة التي وصلتنا اسم ملكهم (أخيش)، ومن آلهتهم داجون إله الحبوب، الذي تمَّ اقتباسه من آلهة الكنعانيين، وكان مركز عبادته أشدود، ومقر رفيقته عشتاروت في عسقلان (حتي: 1958: 196-198). لم يكن الفلسطينيون بمفردهم الذين قاموا بعملية غزوٍ للشواطئ السورية والمصرية، بل كانوا ضمن تحالف مؤلف من عدة قبائل و شعوب جاءت من الجزر اليونانية وربما كانت صقلية، ومن تلك القبائل "الفليست palest" أو (الفلسطينيين philistines)، وهو الشعب الأول في هذا التحالف، ثم يليه شعب (الثيكر - التجيكر Tjeker)، الذين وفقاً للتقليد اليوناني سكنوا منطقة "تروىTroy "، وأسسوا "سلاميس Salamis" في قبرص، ويترجم البعض الاسم إلى (زكالة Zakkala)، الذي يمكن مقارنته باسم الكيليكيين نسبة إلى كليكيا Sicilia. أما الشعب الثالث فهو "الشيكليش Shekelesh"، وهذا الشعب ورد اسمه بالفعل خلال فترة حكم الفرعون المصري ميرنبتاح، ثم تأتى شعوب أخرى أقل أهمية مثل (الدانو، ووش وش)، وكان الفليست العنصر الغالب بين الأقوام التي نزلت ساحل كنعان، وهم الذين أعطوا اسمهم فيما بعد إلى بلاد كنعان De vaux,1978, p.502)). وكانت فلسطين الجنوبية البلد الوحيد الذي كان عدد المهاجرين الإيجيين فيه كافياً لاحتلاله وتأليف أمة منهم، وهكذا استطاعت قبيلة كريتية عُرفت باسم الفلسطينيين أن تحرز لنفسها مقاماً وتبنى عدداً من المدن الزاهرة في القرن الثاني عشر ق.م. (داود: 1997: 647). وقد ورد أيضا ذكر الفلسطينيون في الكتابات المصرية منذ بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد باسم بلست، والتي وردت ضمن مجموعات شعوب البحر المسجلة على جدران المعبد الكبير بمدينة هابو، وكذلك هنالك بعض الإشارات للفلسطينيين في بردية هارديس. وفى نهاية القرن الثاني عشر ق.م، ذُكر الفلسطينيون بشكل عابر في قائمة أمنربى، كما ترد إشارات هامة في قصة ون - أمون التي تعود للقرن الحادي عشر ق.م، ولكن دون أن تأتى عليهم بالاسم. وورد أيضاً ذكر الفلسطينيين في المصادر الآشورية، وكان الآشوريين أول من تكلم عن الفلسطينيين منذ القرن الثامن ق.م، وقد غطى هذا الاسم الجزء الجنوبي من فلسطين فقط، وهو الجزء الذي قطنه الفلسطينيون في البداية، وقد جاء ذكر الفلسطينيين في الحوليات الآشورية منذ عهد الملك حدد نيرارى الثالث (812 - 788 ق.م) (طه: 1983: 18). وورد كذلك ذكر الفلسطينيون في المصادر التوراتية (العهد القديم) الذي كان يعتبر المرجع الوحيد عن الفلسطينيين حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، وقد أدى ذلك إلى التأثير على اتجاهات الدارسين للحضارة الفلسطينية، ولكن مع ازدياد حجم النشاط الآثرى والأبحاث التاريخية خرجت المشكلة إلى أفاق أرحب، وناقضت المكتشفات الآثارية كل الروايات التوراتية، وحتى اليهود أنفسهم ناقضوا هذه الروايات، لمحدودية المعرفة التوراتية بالإحداث التي جرت في بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد، والصراع الذي دار بين شعوب البحر والمصريين، ويتضح هذا التناقض في الروايات المختلفة حول أصل الفلسطينيين وانتشارهم الجغرافي. وتذكر أقدم الروايات التوراتية في سفر التكوين 10 - 14 بلهجة الكنعانية بأن الفلسطينيين والكفتوريين قد جاءوا من مصر (ومصريم بلدءت لوديم وءت عنيم لهبيم وءت فترسيم وءت كسلحيمْ شريصْ ومشيم فلشيتم وءت كفتريم). هذا النص بلهجته الكنعانية والمترجم تقليدياً إلى (ومصرايم ولد بنى لود وعنام ولهاب ونفتوح وفتروس وكسلوج ،كما ولد كفتور الذين خرج منهم الفلسطينيون. منى: 2000: 59. كما جاء في العهد القديم بأن الكفتوريين احتلوا الساحل الفلسطيني جنوب غزة (التكوين: 1/13). ويرتبط الفلسطينيون في سفر صموئيل الأول بالكريثين والبلشيين، كما أشار إلى منطقة غزة باسم النقب الكريتي أو الكرثى (صموئيل الأول: 30/14). وفى كل التعريفات التوراتية عن أصل الفلسطينيين نجد تعتيماً شديداً وإيهاماً بأن الفلسطينيين شعب غريب ليس له أصول في المنطقة، بالإضافة إلى التشويه المقصود حيث روجت التوراة للقصة التوراتية عن جليات (جالوت) وداود حيث تصور انتصار داود الصغير بالمقلاع على جليات، وكان من جبابرة الفلسطينيين؛ إذ بلغ طوله تسعة أقدام، وكانت أدواته الحربية مناسبة لطوله وقوته، ولقد نجحت الدعاية الصهيونية في ترسيخ صورة داود رمزاً (لإسرائيل)، الذي يستخدم ذكائه ومهارته في هزيمة عدوه، مقابل صورة جليات رمزاً للعربي، الذي يتسم بضخامة الحجم وكثرة السلاح، ولكنه لا يستخدم عقله فيُهزم (وايتلام، كيث: 1999: 19 -20). ويقول روبنسون: "لقد كان للفلسطينيين ثقافة متقدمة وعريقة، وأنه من سخريات القدر أن كُتب على لفظة فلسطيني أن تكون مرادفة لكلمة بربري، وقد نشأ هذا الاستخدام اللفظي، لأن تاريخ أيامهم وصل إلينا عن طريق الإسرائيليين، الذين لم يكن في ضميرهم إنصاف لأعدائهم" (ج.م.ن جفريز: 1971: ص46). تلك مجمل الصورة تقريباً التي يتبناها المؤرخون حول الفلسطينيين، وبالإمكان أن نلاحظ في هذه الصورة النقاط البارزة التالية (داود: 649). 1- افترض المؤرخون أن الفلسطينيين قبائل قدمت من البحر المتوسط من ايجة، أو كريت أو كفتور، دون أن يعثروا على أثر يؤكد ذلك أو حتى أن يتقدموا بأي دليل على افتراضهم هذا. 2_ تجتاح هذه القبائل المجهولة الأصل جميع "الإمبراطوريات" وتدمرها , من الحيثية شمالاً إلي المصرية جنوباً في وادي النيل , وفي وقت واحد. 3- أن الفلسطينيين ليسوا دولة أو إمبراطورية، وإنما هم جزء من مجموعة قبائل مجهولة. 4- أنهم لا يشكلون في فلسطين دولة أو قوة موحدة، وإنما هم موزعون على مجموعة مدن لكل مدينة ملكها المستقل، وقد استوطنوا الساحل الذي سُمى باسمهم في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. 5- أن الفلسطينيين متقدمون في استخدام الحديد، وأشاعوا استخدامه في أرض كنعان، ونقلوا الكنعانيين من عصر البرونز إلى عصر الحديد. 6- أن الفلسطينيين كما ظهروا فجأة في أرض كنعان، لم يخلفوا فجأة غير ما هو كنعاني أو سامي. 7- أن ألهتهم آلهة كنعانية، وأهمها داجون وعشتار. 8- أن الفلسطينيين أصحاب حضارة. ونجد لزاماً علينا مناقشة هذه الأمور التي أوردناها بالتفصيل، فلقد ثبتت تراجم أسفار العهد القديم المترجمة إلى العربية والإنكليزية وغيرها، الأعلام المكانية الواردة فيها لتطابق أعلام الأمكنة في فلسطين؛ لذا نجد: 1- أن عملية التبديل في الأسماء والمواقع وضعت الإنسان الغربي، الجاهل أصلاً بجغرافية المنطقة التفصيلية أمام أسماء تاريخية وجغرافية مزورة جاهزة، كان عليه أن يعتمدها في وضع دراساته التاريخية للمنطقة، خاصة وأنه لم يكن يتوفر أي مصدر آخر يمكن الاعتماد عليه يتمتع بمثل تلك (السمعة) وذلك الانتشار. وبعد أن أخذت الأرض العربية تتكلم عن نفسها بنفسها، عن طريق إظهار مخبوءاتها الآثارية، وكنوزها الحضارية أخذت تتكشف الحقيقة أمام عيون الباحثين يوماً بعد يوم ،علاوة على ما تكشفه حقائق الجغرافيا نفسها من عمليات التزوير المفتعلة في الأسماء، مما كان له انعكاس مدمر على صورة تاريخ الشعب العربي وعلى وحدته الجغرافية والثقافية (داود: 650). طابق كثير من الدارسين بين كفتور التوراتية وكريت بما يوحى أن مسألة أصل الفلسطينيين باتت محلولة. والحقيقة أن هذه المسألة ما زالت موضع نقاش ولا يمكن الجزم بصحة المطابقة وما يترتب عليها من استنتاجات. ويؤكد نجيب ميخائيل إبراهيم بدوره، أن كفتور هذه يظن أنها كريت، وقد يكون هذا الرأي صواباً ،ما دام بعض بلاد الفلسطينيين يُطلق عليها اسم جنوبي الكريتيين تمييزاً لهم عن يهوذا، ولئن صح ذلك – وهذا ما نرجحه ونميل إلى الأخذ به – فإننا أمام هجرة سامية جزرية مرتدة من كريت، ربما نتيجة ضغط من ناحية الهيلينيين، هذا إلى أن أسماء الفلسطينيين وأسماء مدنهم تشير إلى أنهم ساميون – جزريون - ، ولكن الإسرائيليين يشيرون إلى أنهم قوم لا يُختنون، وهو اصطلاح ينأى بهم عن الساميين – الجزريين - والمصريين معاً (إبراهيم, نجيب ميخائيل: 1961: 348-350). وفى مجال حديثه عن ممارسة المصريين وباقي أقوام بلاد الشام للختان، كتب هيرودوت في مؤلفه: "ومن الواضح أن الكلخ(المقصود هنا سكان منطقة كلخ الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأسود, وتقع حالياً ضمن حدود جمهورية جورجيا). مصريون، وهو ما كنت مقتنعاً به منذ حين، حتى قبل أن أسمعه من آخرين، وحتى أتمكن من معرفة الحقيقة قمت بالاستعلام عن ذلك عند الطرفين، وتبيّن لي أن معلومات الكلخ عن المصريين هي أكثر مما يعرفه المصريون عنهم. وبرأي المصريين فإن الكلخ ينحدرون من قوات سسطرس (يبدو أن المقصود هنا هو سسطرس الأول (1971-1926 ق.م) من الأسرة المصرية الثانية عشر، وهناك من يرى أن هذا الملك المصري أضحى أسطورة, وإليه عُزيت نشاطات قام بها حكام مصريون آخرون منهم تحتمس الثالث ورمسيس الثاني)، وهذا ما أرجحه لأن بشرتهم سوداء وشعرهم أجعد. هذا بالطبع ليس بدليل، لأن هذا المظهر يتكرر في أماكن أحرى، وأود هنا أن أضيف القول بأن المصريين والأثيوبيين كانوا أول من مارس الختان. وهذا ما يعترف به الفينيقيون وسوريو فلسطين حيث يقولون بأنهم تعلموه من المصريين ، وأن سوريي ثرمدون وبارثنيوس وجيرانهم المكرون (أسماء مناطق متجاورة وتقع في بلاد الإغريق) يقولون بأنهم تعلموه أخيراً من الكلخ. هذه هي الأقوام الوحيدة التي تمارس الختان، ومن الواضح أنهم يقلدون المصريين في ذلك، ولكن ليس بإمكاني الحسم في مسألة هل أن المصريين تعلموا هذا التقليد من الأثيوبيين أو العكس، لكنها في كل الأحوال عادة غاية في القدم. وأحد الأدلة على أنهم تعلموه من المصريين هو أن الفينيقيين الذين يعيشون وسط الإغريق وعلى عكس المصريين، لا يمارسون الختان ولا يختنون أبنائهم" (منى: 72-73). ومع ذلك فإننا نراهم يمارسون عادات الكنعانيين ويتحدثون لغتهم، كما أن معبوداتهم تغلب عليهم النزعة السامية – الجزرية (إبراهيم، نجيب ميخائيل: 348-350). انطلاقاً من هذا الشرح، يتضح أن كريت لا بد أنها اُستعمرت بواسطة الكنعانيين، والمحتمل جداً أن بعضهم بعد أن اتصل طويلاً بالقبائل اليونانية رجع ثانية شرقاً إلى موطنهم الأصلي فلسطين، فبغض النظر عن أسماء بلدانهم، فإننا نرى كذلك أن عدداً من أسماء أشخاصهم كانت سامية وجزرية، ومنهم أبيمالك، ودليلة، وعبيد أدوم، وجوليات، ورفح. ويضيف ثومبسون أن أصول الفلسطينيين المزعومة في كفتور، ما هي إلاَّ مجرد خيال خلقته الروايات التوراتية كقرين لأصول يهودا ذاته (محمد, زكريا: 21). 3- ما يجدر ذكره أنه يصعب تعريف هذه المجموعات التي جاءت إلى فلسطين من الناحية الإثنية أو حتى من حيث تكوينها السياسي، ويبدو أنها وضعت أقدامها أول مرة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط وأصبحت تشكل خطراً مباشراً على الولايات والممالك التابعة للإمبراطورية الحيثية مثل ألاشيا (قبرص)، وأوغاريت، ولم تسلم حاتوشا عاصمة الحيثيين من هجمات شعوب البحر، خاصة في فترات حكم ملوكهم "توخاليا الرابع"، و"أرنوواندا الثالث"، و "سوبيلوما"، الذين حكموا ما بين 1250-1200 ق.م، ولم تكن مصر بعيدة عن هجمات شعوب البحر، خاصة في أيام حكم الفرعون ميرنبتاح ابن رمسيس الثاني في الربع الأخير من القرن الثالث عشر ق.م. وتمكن رمسيس الثالث من تحقيق نصر كبير عليها في معركة بحرية صور تفاصيلها على جدران المعبد الجنائزي في مدينة "هابو" وتمكن بذلك رمسيس من الإبقاء على شعوب البحر بعيدة عن الأراضي المصرية وبعض أجزاء فلسطين التابعة لمصر، الأمر الذي لم يدم طويلاً؛ إذ فقدت مصر سيطرتها على مناطق الشام وعلى فلسطين مع منتصف القرن الثالث عشر ق.م. (معاوية: 1990: ق2: مج2: 111-112). ومن الملاحظ أن انتصارات رمسيس ثم تركه لهم ليحتلوا قسماً من الساحل الفلسطيني ليستوطنوه ويقيموا فيه مدناً، إلاَّ ليتوافق مع نصوص التوراة المحرفة والمزيفة. ولذلك أفترض المؤرخون أن هذه القبائل التي اجتاحت سواحل البحر المتوسط الممتدة من الشمال إلى الجنوب لا يمكن أن تأتى إلاَّ من البحر، فأطلقوا عليها اسم شعوب البحر. ولمَّا كان الفلسطينيون هم الفئة الغازية للقرى الحيثية والمصرية، وكانت قد أشارت بعض المصادر إلى أن الحيثيين والفلسطينيين كانوا قد قدموا من كريت إلى أرض كنعان، فقد فسر المؤرخون ذلك بأن تلك الشعوب البحرية إنما تعود في أصولها إلى جزيرة كريت مرة، وجزر بحر ايجة مرة أخرى. 4- أما قضية ظهور هؤلاء الفلسطينيين في فلسطين لأول مرة في القرن الثاني عشر فهي تتناقض مع مدونات التوراة ذاتها فقد أشارت إليهم التوراة في أكثر من موضع منذ القرن الرابع عشر أو القرن الخامس عشر قبل الميلاد، أي منذ زمن إبراهيم وابنه إسحق عليهما السلام والقارئ لسفر التكوين يصل إلى نتيجة مؤداها أن هذا الرجل البدوي أبرام (إبراهيم) قد أُعطيت له كل أرض كنعان وما وراءها من الأرض الممتدة بين النيل والفرات ملكاً أبدياً له ولنسله. هذا الرجل نجده لا يملك منها شيئا حتى أنه يستجدى أصحاب الأرض التي نصب فيها خيمة قطعة أرض ليدفن فيها زوجته سارة بدلالة قوله لهم: أنه غريب ونزيل عندهم. كذلك نجد إبراهيم نفسه كما ورد في سفر التكوين قد مات غريباً في حبرون، وهو لا يملك إلاَّ مكان المقبرة له ولزوجته، والتي اشتراها من بني حث (الحيثيون) في حبرون (إبراهيم, موسى مطلق: 1994: 7-13). وزعم العهد القديم أن إبراهيم أقام في مصر بضع سنوات صارت له خلالها ثروة كبيرة، وكان لوط ابن أخيه قد أصاب من غنى عمه شيئاً ليس بالقليل، ثم قفل إبراهيم إلى أرض كنعان ومعه ثروة كبيرة، وأقام في حبرون ( الخليل)، و بمضي الوقت حدث نزاع بين رعاة إبراهيم ولوط أدى إلى انفصالهما، فاختار لوط الرحيل إلى سادوم في سهل الأردن (التكوين: 12/10). وكما ذُكر في سفر التكوين: 12/10 – 13 "وحدث جوع في الأرض، فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك، لأن الجوع في الأرض كان شديداً، وحدث لمَّا قرب أن يدخل مصر أنه قال لساري امرأته أنى قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر، فيكون إذا رآكِ المصريون أنهم يقولون هذه امرأته، فيقتلوني ويستقبلونك. قولي أنكِ أختي, ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك". وُلِدَ لإبراهيم بعد عودته إلى أرض كنعان مولود من جاريته هاجر المصرية في "الثميلة" إلى الجنوب الغربي من "عسلوج"، الواقعة ما بين بئر السبع والعوجا، أسماه "إسماعيل"، وبعد ثلاثة عشر سنة وُلد له غلام آخر هو أسحق في "جرار" (كانت جرار تقوم على التل المعروف باسم ( تل جمة) على الجانب الأيسر من وادي غزة على مسافة 25 كم للجنوب الشرقي من غزة) من زوجته سارة(25) الدباغ: 1965: ج1, القسم1: 417-418, ومهران: 1995: ج3 : 58-59. وبذلك يقول الحق تبارك وتعالى: "فبشرناه بإسحق ومن وراء اسحق يعقوب"(26)هود: 71. ويذكر سفر التكوين 26 /6-7 أيضاً عن إسحق: "فأقام إسحق في جرار، وسأله أهل المكان عن امرأته، فقال هي أختي، لأنه خاف أن يقول امرأتي، لعل أهل المكان يقتلوني من أجل رفقة لأنها كانت حسنة المنظر". ويتابع السفر نفسه فيقول : "وحدث إذ طالت الأيام هنالك أن أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكوة ونظر وإذا إسحق يلاعب رفقة امرأته، فدعا أبيمالك إسحق وقال إنما هي امرأتك فكيف قلت هي أختي" ؟ (26/8-9) . ويتضح من هذه النصوص كيف أن الفلسطينيون هم من العرب الذين عاش بينهم إبراهيم عليه السلام وأولاده من بعده إسحق ويعقوب، وعائلة يعقوب قبل خروجهم من فلسطين ونزوحهم إلى مصر. وجاء في (سفر التكوين: الإصحاح 21-24) : "وتغرب إبراهيم في أرض الفلسطينيين أياماً كثيرة". ويعتبر يوسف الصديق همزة الوصل والحلقة الرئيسية التي ربطت الأسطورة بالتاريخ في قصة بني إسرائيل، فهو الذي أتى بأسرة يعقوب من عالم النسيان وسط الرعاة الذين يتجولون عند أطراف ممالك المدن في أرض كنعان إلى البلاط الملكي المصري الذي كان مركز السياسة والفكر والحضارة (عثمان: 33)، مما أدى إلى ذوبان جماعة يعقوب في البيئة المصرية كلياً لمدة خمسمائة عام، فتزوجوا من المصريات، فيوسف عليه السلام تزوج من "سنات بنت فوطي فارع" رئيس الكهنة في مصر، وابناه منسي وأفرايم، وأبناء أخوته تزوجوا أيضاً من مصريات. كما أن التحليل العلمي يبين أن أسرة واحدة تتكون من سبعين شخصاً، لا بد وأن تكون قد انصهرت وذابت في محيطها الجديد ثقافياً واجتماعياً بل وعرقياً. ومن الملاحظ أن نقل الأسماء من مصر إلى جزيرة العرب إلى جنوب سوريا (فلسطين) أضاع صواب المؤرخين، الذين لم يعرفوا جغرافية البلاد العربية قديماً ،غير التفسيرات التي كانت تقدمها التوراة، وهل يعقل أن يغزو الفلسطينيون سوريا ويحتلون ساحلها الجنوبي، ويسمى باسمهم في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، بينما هم موجودون في المكان نفسه حسب مدونات التوراة منذ عهد إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف عليهم السلام (منى: 64-65). وهنا نورد حقيقة هامة وهى أن المؤرخون الغربيون الذين داروا في فلك التوراة، ادّعوا أن الفلسطينيين ذابوا في الكنعانيين فيما بعد، ومنهم من يقول عكس ذلك. فإذن يمكن القول أنه إذا ذاب أولئك الفلسطينيون في الكنعانيين فمعنى ذلك أن الاسم اندثر. فكيف يعللون بقاء الاسم في الذاكرة لمئات السنين ؟. والرومان لم يخترعوا التسمية من العدم، فهل رجعوا إلى تاريخ هيرودوت، أو يوسيفوس لإحياء تسمية الفلسطينيين، أو إلى التوراة نكاية باليهود، وأكثر من هذا هل هم أطلقوا اسم فلسطين على أرض كنعان لمزيد من إغاظة اليهود ؟. إن الرومان لم يخترعوا التسمية، بل ثبّتوا شيئاً متداولاً، ولم تسقط التسمية عليهم من الغربيين. فهم يدعون أن الإمبراطور الروماني هدريانوس في الثلث الأول من القرن الثالث الميلادي أراد أن يبنى معبداً وثنياً لجوبتير على أنقاض معبد اليهود الذي دمره تيطس (132-135م) بقيادة باركوخبا، الذي أدعى أنه المسيح المنتظر، فقضى هدريانوس عليه وعلى تمرده ونكَّل باليهود وطردهم من فلسطين نهائياً فانتشروا في العالم. وقد قيل أنه دمر 985 مدينة في فلسطين، وذبح 580,000 يهودي، والذين ماتوا حرقاً أو جوعاً أكثر، ومن ثم أعاد بناء مدينة القدس وغير اسمها إلى إيليا كابيتوليا، وبني معبدين لجوبتير وفينوس (ديورانت: 1964: مج 6: ج11 : 194-195, والدباغ: 659). هذه الرواية مع صحتها, غير أنها تبالغ بالعدد الهائل لليهود، وهذا هو أحد أبرز المزالق التي يقع فيها المؤرخون والمدونون لأحداث التاريخ، وخصوصاً التاريخ القديم، نظراً لاعتماد الكثير منهم على مصادر العهد القديم، وبالتالي فدحض هذه الرواية يعتمد على حقائق وحكم المنطق والعقل. فإذا افترضنا جدلاً أن هذا العدد صحيح فكم كان عدد سكان فلسطين آنذاك من اليهود والعرب والرومان والأغراب ؟ مع العلم أن سكان فلسطين منذ مطلع القرن العشرين الميلادي لم يتعد 600 ألف نسمة. وقد صارت فلسطين تُعرف منذ ذلك الوقت بسورية الفلسطينية، عندما أطلق هيرودوت على الإقليم الجنوبي لسوريا ابتداءً من فينيقيا وحتى حدود مصر، وما بين البحر المتوسط وبلاد العرب هذا الاسم، أو ببساطة "فلسطين". واشتُقَّ الاسم اليوناني لفلسطين من كلمة "بالستو Palastu"، كما ظهرت في الوثائق الآشورية حوالي عام 800 ق. م، وكذلك الأمر في التوراة. ولكن كلمة "فلسطين" لم تستعمل بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة إلاَّ بواسطة اليونان والرومان، فقد أستخدم الرومان كلمة "بلستينا" للإشارة إلى هذه المنطقة بشكل رسمي ابتداءً من عام 138م, وقد ظلت المنطقة المشار إليها تُعرف بهذا الاسم حتى الوقت الحالي (De Vaux : 4-5). 5- ويعزو المؤرخون تفوق الفلسطينيين بصورة خاصة على أعدائهم، بسبب تفوق سلاحهم الذي كان مصدره معرفة الصهر واستخدام الحديد لأجل الدفاع والهجوم. وهناك صورة خاطفة لمحارب فلسطيني مزود بالأسلحة المعدنية في قصة جليات الذي كانت قناة رمحه "كنول النساجين" وسنان رمحه كان يزن "ست مئة شاقل حديد، والذي كان ترسه ثقيلاً جداً حتى أنه أحتاج إلى حامل ترس خاص يمشى قدامه، وقد عرضت بعض حوادث البطولة الحربية الشهيرة عند الإسرائيليين كما في قصة شمشون وداود لتتعارض مع مظاهر القوة لدى الفلسطينيين (حتي: 198). وهكذا هم دائماً يعزون كل تقدم في تاريخ المنطقة إلى كذبة مختلقة قادمة من الغرب، رغم أن آلهة أولئك الفلسطينيين آلهة عربية, أهمها داجون وعشتار. وأن أكثر الأسماء شيوعاً بينهم عُرف منها اسم "أخيش"، وهو اسم عربي قديم مكون من مقطعين: ( آ) وتعنى ( بيت) أو (أولاد)، و(خيش) (خيس، قيس) وتعنى غاب الأسد. ويكون معنى العائلة (بيت الأسد) (داود: 656). 6- وأعتبر بني إسرائيل خروجهم من أرض مصر بمثابة الحدث الرئيسي في حياتهم، ونقطة البداية في تاريخهم، ولكن لو تفحصنا الأمر لوجدناه لا يتعدى كونه مجرد انتقال من مكان لآخر من أرض جاسان في شمال سيناء إلى مكانٍ آخر, وبالتحديد عند سفح جبل موسى بمنطقة سانت كاترين جنوبي سيناء، و كلاهما أرض مصرية. أما خروجهم النهائي من مصر, فقد تمَّ عندما رحلوا خارج سيناء إلى أرض كنعان بعد حوالي أربعين سنة قضوها في التيه عقاباً لهم على عصيان وصايا الرب (إبراهيم، موسى مطلق: 55). وكان موسى عليه السلام قد أرسل جواسيس عددهم أثنا عشر رجلاً من قبائل بني إسرائيل، وأرسلهم عبر نهر الأردن لاستطلاع الأوضاع في أرض كنعان استعداداً لعبور نهر الأردن إلى أرض كنعان, فأخبروه بعد عودتهم أن الأرض تجود لبناً وعسلاً, وسكانها أشداء ولا قدرة للإسرائيليين على محاربتهم، مما أغضب الرب عليهم فأبقاهم في التيه حتى يموت الجيل المتردد الجبان وينشأ جيل قوى. وفي ذلك يقول تعالى: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا فتنقلبوا خاسرين* قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنَّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فإنّا داخلون* قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين* قالوا يا موسى إنَّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ها هنا قاعدون قال رب أنى لا أملك إلاَّ نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين* قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين" (المائدة: 21-25). وكما هو واضح من الآيات فإن الجبن صفة جوهرية للشخصية الإسرائيلية حتى مع وجود نبي بين ظهرانيهم فهم شعب ليس في كيانه إلاَّ عواطف ذليلة خانعة. أعتقد بني إسرائيل أن دخولهم أرض كنعان لن يحتاج حربا لأنها موعودة لهم من الرب، لذلك رفضوا دخولها، لأن ذلك يعنى دخولهم الحرب مع سكانها الأصليين رغم أن موسى قام بتحريضهم على القتال, ولكنهم مع كثرتهم فقد كانوا يخشون الحرب ويهابونها، فلم يستجيب لموسى إلاَّ أخوه هارون (الحوت: 1991: 27, وعثمان: 89, ومهران: 335). قال تعالى: "تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى" (الحشر: 35). فقد تمكنت منهم الذلة، إذ قالوا لموسى: "ليتنا متنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر. ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف. تصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة أليس خيراً لنا أن نرجع إلى مصر. فقال بعضهم لبعض نقيم رئيساً و نرجع إلى مصر" (العدد: 1-4)، أي أنهم أعلنوا العصيان ضد موسى عليه السلام. وبعد موسى, وفى أواخر زمن يشوع, تبقى دائرة قرى الفلسطينيين دون أن يقربها أحد، إلى جانب قرى كثيرة "وشاخ يشوع. تقدم في الأيام. فقال له الرب أنت قد شخت. تقدمت في الأيام. وقد بقيت أرض كثيرة جداً للامتلاك. هذه هي الأرض الباقية. كل دائرة الفلسطينيين وكل الحشوريين من الشيحور الذي هو أمام مصر إلى تخوم عقرون شمالاً تحسب للكنعانيين أقطاب الفلسطينيين الخمسة الغزي والأشدودى والأشكلونى والجتي والعقروني والعويين (داود: 656-657). وفى أيام داود سمع الفلسطينيون أن الإسرائيليين قد مسحوا داود ملكاً على إسرائيل، فصعد جميع الفلسطينيين ليفتشوا عن داود نزل إلى الحصن. وجاء الفلسطينيون وانتشروا في وادي الفائيين فسأل داود من الرب فقالوا لا تصعد بل در من ورائهم وهلم عليهم مقابل أشجار البكاء (داود: 657). فالفلسطينيون – كما يظهر هنا – ليسوا إلاَّ سكان إحدى القرى، والمعركة بينهم وبين داود تدور عند بضع شجرات. وزعم العهد القديم أن داود كون في منفاه زمرة مسلحة للغزو كما تدعى التوراة، وعمل داود مع مرتزقته في خدمة الفلسطينيين، الذين كانوا آنذاك يحاربون بني إسرائيل، وضاعف داود غاراته لحساب "أخيش" ملك جت الفلسطيني (صموئيل الأول: 25 /13). وفى ذلك ورد في التوراة ما نصه: "وضرب داود الأرض ولم يستبقِ رجلاً ولا امرأةً، وأخذ غنماً وبقراً وحميراً وجمالاً وثياباً ورجع إلى أخيش" (صموئيل الأول: 27 /1-7) . وبذا اعتقد أخيش الملك الفلسطيني أن داود قد أصبح مكروهاً من بني جلدته الإسرائيليين، وبالتالي أصبح عبداً مخلصاً له (صموئيل الأول: 27 /9 ). غير أن الفكر الإنساني يرفض هذه الهراءات المزعومة والمنسوبة إلى نبي من أنبياء الله، رغم أن المروجين لها هم الإسرائيليين أنفسهم أتباع داود, فكيف يحل لنبي من الناحية الدينية أن يكون عصابة مسلحة من المرتزقة يكون عملها الأساسي قتل الأنفس والسطو والسرقة، فضلاً عن ذلك اتهام داود نفسه بأنه قد عمل مرتزقاً لدى أعداء قومه. ويرد القران الكريم على هؤلاء ليدحض مكرهم بتدنيس سيرة نبي صالح من أنبياء الله هو داود – الذي ضرب به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المثل لمن أراد العمل بحرفة شريفة كريمة – قال تعالى: "... وأتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء" (البقرة: 251). 7- أما مملكة أوغاريت التي دمرها شعوب البحر (الفلسطينيون) فليست أوغاريت السورية المتوسطة، وإنما هي الجارية جنوب زهران. والكلمة من أسماء عشتار, وتعنى السيدة الفتية الجميلة الدقيقة الخصر، وقد حافظت اللغة العربية الفصحى على هذا المعنى في كلمة الجارية و"غرث" (داود: :659). وتبرز حوادث الزلازل في تاريخ سورية أكثر من بروز البراكين في جغرافيها، فقد أصيبت أنطاكية في طرفي سورية الشمالي بالزلازل خلال العصور وخربتها في القرون الستة الأولى الميلادية لا أقل من عشر مرات، ولم تكن ناجمة عن هجمات شعوب البحر، وتشاهد في جدران معبد الشمس المشهور في بعلبك آثار الاضطرابات التي سببتها الزلازل، وكذلك الأمر في القلاع الصليبية الباقية. ويشير تهدم أسوار أريحا المفاجئ في عصر الغزو الإسرائيلي، وكذلك خراب سدوم وعمورة الشهير في الطرف الجنوبي الغربي للبحر الميت إلى حصول زلازل بالإضافة إلى النيران في الحالة الأخيرة التي كان سببها ما أنتجته الزلازل من ترشيحات نفطية وينابيع وإسفلت. وحصلت آخر زلزلة عنيفة في شمالي سورية عام 1882م، وحولت حلب وغيرها من المدن إلى مجموعة من الخرائب، وأزهقت عشرات الآلاف من الأرواح. وآخر زلزال قوى في فلسطين كان في 1837م، وهدم صفد تهديماً تاماً (حتي: 42-43). وإذا ما استعرضنا بعض هذه الأماكن الواردة في مدونات التوراة، والتي أضنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المعاصر في البحث عن أية آثار لواحدةٍ منها في سوريا الجنوبية لكن دون جدوى, فأخذت هذه السلطات تطلق الأسماء التوراتية عشوائياً على مسميات أخرى حديثة قديمة، علَّها تثبت في الأذهان والتاريخ والجغرافيا مع تقادم الأعوام، نجد أن كثيراً منها ما زال محتفظا باسمه القديم (داود: 660). 8- بالنسبة للدين عند الكنعانيين اختلفت الإشارات التوراتية حول ديانة الفلسطينيين ، فمن وجهة نظر الدارسين التوراتيين، فمن الواضح أن ديانة الفلسطينيين كانت محلية ولا يوجد ما يميزها في العهد القديم عن الديانة الكنعانية. ويظهر أن ديانتهم تطبق نفس الأساليب السامية الجزرية في تقديس معبودين اثنين، ذكر وأنثى (طومسون: 1995: 188). ثم أن الكنعانيين عبدوا آلهة عدة أخذوها عن المصريين أو البابليين، وهذا يتجلى في الطابع المركب التوفيقي الذي تتسم به حضارتهم، وقد حدث ارتباط واندماج فيما بين الآلهة الكنعانية وآلهة اليونان (موسكاتي: 1986: 128). ومن الآلهة التي عبدها الكنعانيون (ملكارت) ومعناه ملك المدينة وهو إله صور، وهو يرمز للشمس، ثم أصبح يرمز للبحر نظراً لتزايد نشاط الفينيقيين في الملاحة وبناء السفن والبحار، وقد بني له الملك (حيرام) معبداً كبيراً. و(داجون) إله الغلات الزراعية الذي عبده فيما بعد الفلسطينيون على صورة رأس إنسان ويدي إنسان وجسم سمكة مغطاة بالفلوس والزعانف. الحضارة الفلسطينية: لقد كان للفلسطينيين باع طويل في المجال الحضاري والثقافي، وكانت ذات شأن عظيم في خدمة الإنسانية، ويعتبر الفخار الفلسطيني العلامة الفارقة في الحضارة الفلسطينية، فقد ساهم الفلسطينيون بشكل كبير في صناعة الفخار وبدأت أنواع جديدة من الفخار اليوناني في الظهور – منذ النصف الأول من القرن الثاني عشر قبل الميلاد – في بعض المناطق بجنوب كنعان. ورغم الطابع اليوناني لهذا الفخار, فقد تبين أنها كانت مصنوعة محلياً . وعرف الكنعانيون من الفلسطينيون فيما يخص الفخار بعض الأدوات الجديدة (عثمان: 118, والحوت: 40). إن دراسة بقايا الفخار الفلسطيني تمدنا بمعلومات ليست بالقليلة عن الحضارة المادية الفلسطينية، وقد بزغ طراز من الفخار مميز جداً لهذه الحضارة في السهل الفلسطيني خلال السنوات الأولى من القرن الثاني عشر قبل الميلاد، واستمر استعماله حتى أواخر القرن الحادي عشر , ويبدو أنه لم يستعمل بعد ذلك إلاَّ نادراً جدا. ولمَّا كان هذا الفخار الفلسطيني موجودا بوفرة في كل مناسيب هذا العصر ومخلفاته في أرض فلسطين نفسها، كما يوجد أيضاً بوفرة في المواقع المجاورة بالنقب والسهل الفلسطيني فيما بين حوالي 1150 ق.م, وأواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد وفضلاً عن ذلك فان تسميته بالفخار الفلسطيني تبدو بديعة جداً, فإن هذا النوع من الفخاريات يقل نسبياً كلّما ابتعدنا عن أرض فلسطين نفسها, إذ يوجد قليلاً من مخلفات نفس العصر في بيت زور (حاصور) وتل النصبة (مدينة المصفاة) وبيت إيل، وقليلاً جداً في مجدو، ولهذا فان تسمية هذا النوع من الفخار بالفخار الفلسطيني من وجهة التوزيع الجغرافي تسمية صحيحة تماماً. والإشكال الرئيسية لهذا الفخار عبارة عن أوان ذات مقبضين وأباريق, ولونه عادة برتقالي مائل إلى الصفرة طلي بعد حرقه بطلاء رمادي مصفر, ثم رسمت عليه باللونين الأحمر والأسود زخارف هندسية وبجع نافش ريشة, وأحيانا يلغى الطلاء كلياً، وأحياناً يستبدل ببطانة حقيقية، وهناك نوع كبير على شكل الإناء وله مقبضان, وكل منهما على شكل عروة أفقية مائلة. والزخرفة المفضلة تتألف من سلسة من الحشوات التي تشبه الأفاريز المعمارية, وفى كل حشوة منها رسمت بجعة وهى تقوم بنفش ريشها وجناحاها مدفوعان إلى أعلى، وكثيراً ما صور الفنان الفلسطيني البجعة وخاصة على الأواني التي ترجع إلى تاريخ متأخر نسبياً, وهى تدفع منقارها إلى الأمام، وكانت الأباريق عادة مزودة بمصب به مصفاة, ويعتقد أن هذا المصب كان مستخدماً في شرب الجعة لتصفيتها حتى لا يبتلع شاربها قشور الشعير, وربما لتنقية المياه من الشوائب (أولبرايت: 116-117) . أما أشكال الأواني نفسها فمشابهة للأواني التي عُثر عليها في جزيرتي رودس وقبرص ولكنها غير مطابقة لها، ومن الصعب اعتبارها مستوردة بل على العكس، فإن طينة الفخار وصانعيها محليون أيضاً رغم تأثرهم بصناعة الفخار المعروفة في الجزر الإيجية. ويُنسب للفلسطينيين أيضاً توابيت فخارية على شكل إنسان، عُثر عليها في عدد من المواقع الفلسطينية ولم يقتصر وجودها على المواقع الساحلية, وإنما تعدتها لتظهر في مواقع تل الفارعة الجنوبي وتل الدوير وبيسان وذبيان وجبل القصور في عمَّان، كما كشفت عن مثل هذه التوابيت في مصر ومنها تل اليهودية ومنطقة النوبة. وينطبق هذا الانتشار الواسع للتوابيت الفخارية على الأواني الملونة أيضاً التي وُجدت في عمق الأرض الفلسطينية مثل بيسان ومواقع أخرى شرقي الأردن. ويعود أقدم التوابيت التي ظهرت في فلسطين, ومنها التي وُجدت في بيسان ودير البلح إلى العصر البرونزي الأخير (حوالي القرن الثالث عشر ق.م). ويعود بعضها إلى ما بعد ذلك, ولكنها لا تتعدى في الغالب مرحلة العصر الحديدي الأول في القرن العاشر ق.م، وقد يستثنى من ذلك بعض الأمثلة التي عثر عليها في عمَّان والتي أُعيد تأريخها إلى ما بعد ذلك بقليل. بقيت الإشارة إلى أن عادة الدفن في هذه التوابيت بعيدة عن عادات الدفن التي كانت سائدة في فلسطين في الألف الثاني ق.م, وما قبل ذلك وغالباً ما كانت متأثرة بطقوس الدفن التي عُرفت في مصر. ويعود ربط دفن الموتى بتوابيت فخارية بشعوب البحر نتيجة لمقارنة أشكال الوجوه الآدمية على أغطية التوابيت بأخرى إيجية، وأغلب الظن أن غالبية التوابيت التي عُثر عليها حتى الآن وخاصة تلك المكتشفة في بيسان وتل الفارعة ودير البلح مرتبط إلى حد كبير بوجود حامية مصرية أو أكثر في هذه المواقع، ومن المحتمل أن يكون بعض السكان المحليين قد تأثروا بطقوس دفن الموتى المصرية, غير أن الغالبية العظمى بقيت تدفن موتاها في قبور مقطوعة في الصخر أو في التراب تبعاً لطبيعة حقول المدافن التي تم اختيارها من قبل السكان(54)(معاوية : 112 -113). ويذكر للفلسطينيين إعادة بناء المدن المحطمة وتشييدهم للمدن الجديدة فقد زودتنا الحفائر الأثرية الحديثة في تل القصيل، بصورة لمدينة أنشأها الفلسطينيون في القرن الثاني عشر قبل الميلاد, ويقع تل القصيل على أطراف مدينة تل أبيب الحديثة غير بعيد عن نهر اليركون وعلى بعد كيلو مترين من الساحل, وفترة أهميتها اقتصرت على الفترة الفلسطينية، وأهم جزء من المنطقة التي تم فيها الحفر يزودنا بدلائل على توالى إقامة المعابد. كما تمَّ العثور على كميات وفيرة من أدوات العبادة والفخار مع طبقات من الرماد وبقايا عظام حيوانات يبدو أنها قُدمت كقرابين, وهو ما يؤكد أن هذه المراكز كانت للعبادة الفلسطينية (محمد، عبد القادر نمر: 1994: ج2 : 25). وكما سبق الإشارة، فإن اليونان والرومان أطلقوا تسمية فلسطين على المنطقة الساحلية وحدها, ثمَّ تمَّ تعميمه فيما بعد على المنطقة كلها, ويعتبر ذلك من أهم البصمات الخالدة التي خلفها الفلسطينيون، ففي تاريخ ما قبل الميلاد كانت طبيعة الحكم دولاً مدينية مستقلة مما جعل الملوك يُنسبون إلى المدن التي يحكمونها لا إلى الدولة الواحدة نظراً لانعدام وجودها أصلاً على الصعيد السياسي. بعد انهيار الممالك المدينية في عهد الفرس, ربما أدى ذلك إلى جعل نسبة الأرض إلى الشعب أمراً طبيعياً بل ومحتماً، وقيل أن المؤرخ اليوناني هيرودوت أول من أطلق اسم "فلسطين" على الساحل الغربي من بلاد كنعان. والحقيقة أن "هيرودوت" قد سجل الاسم ودونه كما سمعه متداولاً في القرن الخامس قبل الميلاد, فهو إذن لم يطلقه أو يخترعه. وفي العهد الروماني أطلق الرومان اسم فلسطين على البلاد كلها, جرياً على عادة إطلاق اسم الجزء على الكل، ونهج العرب المسلمون نهج الرومان بهذا الصدد (عثمان: : 119, والحوت: 40-41). وفيما يخص الموارد المالية التي مكنت الفلسطينيين من تحصين مدنهم، فكان مصدرها التجارة و الصناعات الحديدية التي باعوها إلى جيرانهم. وليس من شك في أن أكبر مساهمة للفلسطينيين كانت إدخالهم لصناعة الحديد التي كانوا يتقنونها، فأول مصانع الحديد أنشئت في كنعان, وبذلك رفع القوم درجة الحضارة السورية من استعمال البرونز إلى درجة أرقى منها وهى استعمال الحديد (الدباغ: 538, وحتي: 200, وأولبرايت: 1988: 116). ونلاحظ أن الملك داود تغلب على الفلسطينيين عندما أصبح قومه على معرفة بالأسلحة الحديدية, وقد ورثها عنهم الفينيقيون أيضاً, فاستخدموا الحديد في صناعة السفن (الحوت: 39). كانت الديانة عند سكان الساحل الفلسطيني هي الديانة الكنعانية، وكذلك المباني الدينية و أهمها سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيل, وكان يظهر عليها تأثيرات مصرية وإيجية. ويبدو أن هذا المعبد قد شيد مع نهاية القرن الثالث عشر ق.م, واستمر استعماله فترة تزيد على مائتي عام, مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذا المعبد تعرض للدمار عدة مرات وكان يُعاد بناؤه في كل مرة. والقاعدة الأساسية للمعبد مربعة الشكل تقريباً، وتبلغ مساحته حوالي 45 م2 ومدخله من الناحية الشرقية له منصة تقع في الجزء الغربي, ويحيط بالأجزاء المتبقية من الداخل مقاعد بعرض حوالي 40 سم مقصورة بالطين، أما أرضية المعبد فمكونة من الجير ويتصل بالمعبد من الناحية الشرقية ساحة فسيحة مساحتها حوالي 300 م2 (معاوية: 113- 114). واللغة الفلسطينية, لم يبقَ شي يذكر منها، ومن الكلمات الباقية كلمة "سيرين" وهى تعنى حاكم أو سيد, فكان يقال سيرين أسدود مثلا, أي حاكم أسدود. ومازالت هناك قرية في شمال فلسطين تدعى سيرين (الحوت: 40). إن علماء الآثار قد استدلوا على أن الإنسان وجد في فلسطين منذ أقدم العصور, وأنه عاصر أقدم النماذج البشرية, ويذكر أن إنسان الكرمل أو إنسان فلسطين يعود إلى العصر الحجري القديم, مما يؤكد أن فلسطين من أقدم مواطن الإنسان العاقل, وهم من الشعوب الجزرية, نسبة إلى جزيرة العرب. ويرى بعض المؤرخين أن فلسطين من أقدم الأقطار التي عرفت الزراعة, وخصوصاً زراعة القمح, حيث وجد علماء الآثار حبة قمح يزيد عمرها عن سبعة ألاف سنة. وخلال فترة احتلال الهكسوس لمصر في العصر البرونزي الوسيط, تبنى الهكسوس تطبيق نظام الحكومة المركزية الذي جاءهم من الكنعانيين, وأنهم اتخذوا من أريحا قاعدة لهم, وحافظوا على أسمها ( يريحو). الخاتمة في ختام هذه الدراسة بالإمكان استنتاج بعض النتائج، منها: لم يتعرض تاريخ بلد للتزوير كما تعرض له تاريخ الشعب الفلسطيني، وذلك خدمة للمشروع الصهيوني من أجل السيطرة على أرض فلسطين التاريخية, ولقد اعتمدت الافتراءات الصهيونية على تزوير النصوص الدينية المحرفة والتي تناقضت مع نفسها, ولقد أرغمت حركة الاستكشاف الأثرية على اعتماد مرجعية تاريخية وجغرافية التوراة مسبقا, كأساس للبحث والتن | |
|